من هو القتات في الحديث لا يدخل الجنة
لقد حدثنا نبي الله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن القتات لا يدخل الجنة، فـ من هو القتات في الحديث لا يدخل الجنة قتات ؟ ، وتتمثل الإجابة على هذا السؤال في أن القتات هو ذلك الشخص النمام الذي يقوم بنقل الكلام بين الناس إلى غيرهم، وذلك بقصد الفتنة وإفساد العلاقات بينهم، وقد أتجه أهل العلم والدين إلى أن مجرد قيام الشخص بنقل الكلام أو الأفعال أو الإشارة إليها من دون كلام يجعله شخصاً قتاتاً، وقد عرّف البعض الآخر الشخص القتات بأنه من يقوم بالتنصت على كلام الناس والتجسس عليهم من دون علمهم ثم يقوم بالنمّ عليهم ونقل حديثهم إلى الآخرين.
قتات صحة حديث لا يدخل الجنة قتات
الحديث الشريف الذي وردت بع جملة (لا يدخل الجنة قتات) هو حديث نبوي صحيح فقد جاء عن رواية الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ والذي قال : “كُنَّا جُلُوسًا مع حُذَيْفَةَ في المَسْجِدِ، فَجاءَ رَجُلٌ حتَّى جَلَسَ إلَيْنا فقِيلَ لِحُذَيْفَةَ: إنَّ هذا يَرْفَعُ إلى السُّلْطانِ أشْياءَ فقالَ حُذَيْفَةُ إرادَةَ أنْ يُسْمِعَهُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ ” وهو الحديث الشريف الذي أخرجه الإمام مسلم والإمام البخاري، وكذلك أخرجه أبو داود، والترمذي وغيرهم، وقد جاء الحديث في رواية أخرى “لا يدخل الجنة نمام”.
ما هو القتات في الإسلام
إن (القَتّات) بفتح حرف القاف وتشديد الميم في اللغة العربية هو الشخص النمام، ويُقصد بالنمام ذلك الشخص الذي يقوم بنقل حديث الناس إلى غيرهم بقصد الإفساد في علاقاتهم وإثارة المشاكل والبغائض بينهم، ويكون الكلام الذي تم نقله لا ص النمام على الإطلاق، ولو فعل ذلك عمداً ولو بالإشارة فيكون قتاتاً ويُطلق عليه هذا المعنى.
وقال البعض الآخر أن النمام هو ذلك الشخص الذي يكون متواجداً مع قوم يتحدثون فيتحدث عنهم، أو يقوم بالتنصت على حديث قوم دون علمهم ثم ينّم عنهم، والشخص القساس هو الذي يعمد إلى السؤال عن الأخبار لدى قوم ثم ينم بشأنها، وقد جاء الحديث عن رواية حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ “كُنَّا جُلُوسًا مع حُذَيْفَةَ في المَسْجِدِ، فَجاءَ رَجُلٌ حتَّى جَلَسَ إلَيْنا فقِيلَ لِحُذَيْفَةَ: إنَّ هذا يَرْفَعُ إلى السُّلْطانِ أشْياءَ فقالَ حُذَيْفَةُ إرادَةَ أنْ يُسْمِعَهُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ” ليكون بمثابة تحذيراً من مثل هذه الأخلاقيات السيئة المذمومة في المجتمع الإسلامي، فعلى المسلم التحلي بالأخلاقيات الفاضلة والابتعاد عن مساوئ الأخلاق، فإن الله ـ عز وجل ـ قد شرّع في الكون الدعوة إلى الأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة، كما كان النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ مثالاً في الأخلاق الفاضلة وجاء الصحابة الكرام والصالحين ليكّملوا مسيرته من محاسن الأعمال والأقوال والأفعال من بعده لذا لن يجد المسلم مثالاً يقتدي به خيراً منهم.
فوائد حديث لا يدخل الجنة قتات
من حديث الصحابي حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ يُمكننا استنباط العديد من الفوائد والآثار الإيجابية التي ستعود على المجتمع المسلم حال التعرف على هذا الحديث، ومن أبرز الفوائد التي يُمكن التعرف عليها:
- الفائدة الأولى : أن النميمة تُعد من كبائر الذنوب في الإسلام، وقد حدثنا النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن النميمة هي من موجبات عذاب القبر، وذلك ما يكون كافياً لعدم دخول الجنة، وذلك لتعمد القتات النميمة مع معلّمه تمام اليقين بأنها من كبائر الذنوب، والمقصود بذلك من أستحل النميمة مع علمه بتحريمها.
- الفائدة الثانية : تتمثل في أن التعامل مع الشخص النمام يتطلب وجود آداب معينة، فعلى كل شخص مسلم حُملت إليه النميمة ألا يقوم بتصديق النمام وذلك لأنه شخص فاسق فاسد يسعى للإيقاع وإفساد العلاقات الطيبة بين الناس، ويكون عليه نهيّ النمام عن فعله ونصّحه باللين والتقبيح من فعله وأن يُبغضه في هذا الفعل ففي سبيل الله تعالى، كما يكون عليه ألا يظن السوء في أخيه المسلم وأن يبتعد عن التجسس ويشغل ذهنه بأمور أخرى غير البحث عن هذا الأمر.
- الفائدة الثالثة : تتمثل في أنه من الضروري للغاية معرفة أن انتشار النميمة بين الناس يعود إلى عدة أسباب من بينها إرادة الشر والسوء بمن تم نقل الحديث عنه، الحب والغيرة على من تم نقل النميمة إليه، وهذا هو ظاهر الأمر فقط وذلك لأن من يحب شخص ما بصدق لا يقوم بنقل حديث السوء عنه إليه، كما أن من أسباب النميمة فرح النمام بالخوض في الحديث وقطع الأوقات والأعمار بما تهواه النفوس.
آثار النميمة على المجتمع
إن تأثير عمل النمام على المجتمع أسد سوءاً من تأثير عمل الشيطان وأتباعه، فإن عمل الشيطان يتمثل في الوسوسة بينما يكون عمل النمام بالمواجهة بالسوء، لذا يكون للنميمة العديد من الآثار السلبية على الشخص النمام ومن حوله ومن بينها:
- تكون النميمة طريقاً موصلاً للنار، حيثُ تُشعل نار العداوة والشر والحقد بين المتقاربين وتُفسد العلاقة بينهم.
- تضر النميمة وتؤذي وتجلب الخصام والجفاء مما يؤذي الإنسان وقلبه، كما أنها عنوان للشر والحقد والدناءة والجبن، وتكون طريقاً للمكائد والنفاق والضعف والدس بالشر بين الناس.
- النميمة عار على قائلها ومن سمعها فصدقها، فتُذهب الحب والألفة بين الناس.
- تقوم النميمة على التنصت وتتبع أخبار الآخرين والتجسس، لذا تتسبب في تمزيق المجتمعات وتفريق المجتمعين بالعلاقات الطيبة.
- تمنع النميمة نزول المطر من السماء، وتجعل صاحبها يشعر بالذل والهوان والاحتقار، وبالحديث النبوي الشريف فهي تمنع صاحبها من دخول الجنة.
- تفسد النميمة الدين وتُغيّر ما في القلوب وتتسبب في توليد الشر والبغضاء بين الناس، ويسفر عنها التفرق والشتات والكره بين الناس.
هل القتات لا يدخل الجنة أبداً
جاءت آراء أهل العلم في شأن الحُكم على القتات في الإسلام بعدم دخول الجنة، فهل يكون القتات خالداً في النار أم أنه يدخل إليها كأي شخص عاصٍ آخر، وقد جاءت أقوال أهل العلم على النحو الآتي:
- القول الأول : أن القتات الذي تم ذكره في الحديث الشريف هو من أستحّل النميمة وقام بها عن عمد مع علمه تمام العلم بأنها محرمة ومن كبائر الذنوب، ووفق هذا المعنى فإن أهل العلم أرجحوا أن القتات سيكون خالد في نار جهنم وذلك لاستحلاله فعل ما حرّم الله تعالى على المسلمين فعله.
- القول الثاني : يتمثل في أن نفي دخول القتات إلى الجنة في الحديث الشريف المذكور يُفيد بعدم دخول الجنة مثل الفائزين، أي أنه لن يدخل إلى الجنة مُنذ بداية الأمر، بل سيخضع لعذاب نار جهنم على قدر معصيته، ثم يُدخله الله ـ عز وجل ـ غلى الجنة، ووفقاً لهذا الرأي فإن القتات غير مخلد في نار جهنم.
كيفية التعامل مع القتات
وفي هذا الأمر لابد على المسلم من معرفة كيفية التعامل الصحيح مع الشخص القتات، والتي تتطلب التحلي ببعض الآداب والصفات التي تتمثل في:
- لا يتوجب على المسلم تصديق قول القتات، بل يقوم بتقبيح هذا الفعل ونصحه باللين والقول الحسن.
- أن يقوم المسلم ببغض فعل القتات في الله، وذلك لأن الله تعالى يبغض القتات ولا يحب فعله على الإطلاق، وهذا واجب على المسلم أن يُبغض جميع ما يبغضه الله ـ عز وجل ـ .
- لابد على المسلم الذي تم نقل الحديث إليه عدم تصديق ما جاء إليه وألا يظن السوء فيمن نُقل له الحديث عنه، ولا يدفعه هذا الأمر للتجسس عليه أو البحث وراء هذا الأمر.