من فوائد الادخار مواجهة المصروفات الطارئة
نعم، فالحياة لا تسير على وتيرة واحدة، فهي ليست رخاءََ دائماََ وليست شقاءًَ دائماََ، والفرد مُعرض لأي وقت أن يقع في ضائقة مادية، لذلك ينبغي عليه يوازن بين دخله الشهري وبين ما ينفق، وبجانب ذلك لا بد أن يكون قد وفر بعضاََ من المال من راتبه في الشهور السابقة لحين الحاجة، أو عند مرضه أو مرض أحد أفراد أسرته، أو لشراء شيء في المستقبل مثل الهدايا وغيرها.
كما أن من فوائد الادخار أن يشارك المرء في الأعمال الخيرية، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(ما نقص ما من صدقة)، ومن المؤسف نرى الكثير من الناس غير المهتمين بالادخار يقعون في أزمات مادية عديدة، ويقترضون المال من المعارف والأقارب، عوضا عن الاحتياط وتخصيص جزء من راتبهم لحين الوقوع في الأزمات، وينطبق الأمر على الشركات التي بعد نجاح باهر نتفاجأ بوقوعها وإعلان إفلاسها، نظرا لحدوث عجز مالي دون وجود تغطية مالية كافية، وفي هذا المقال نعرض ما هي أساسيات الادخار.
ما هو الادخار؟
الادخار هو جزء من الراتب الشهري أو الدخل العام للفرد غير المخصص للإنفاق، ويودع ذلك المبلغ شهريا في حساب بنكي أو في مكتب البريد، أو يُصان في مكان بالمنزل بعيدا عن متناول اليد، بغرض تلبية أحد الأهداف المستقبلية المتعلقة بحياة الفرد، وللادخار عدة أسباب يجب أن يعيها الفرد، ويحددها قبل أن يدخر ماله، نوردها فيما يلي:
- الادخار بغرض مواجهة ظروف الحياة، وتقلبات الدهر المختلفة كالادخار من أجل المرض _لا قدر الله_ أو الادخار من أجل ما يُعرف بالنثريات، وهي المصارف التي تخرج فجأة دون سابق إنذار، فبدلا من أن يقترض الفرد المال من أحد أقاربه أو أصدقائه، يدخر بغرض الاحتياطة من هذه النفقات التي تظهر بشكل فجائي، ويكون الهدف الأساسي لهذا النوع من الادخار هو تأمين مبلغ مالي كبير.
- الادخار من أجل تلبية احتياجات شخصية في المستقبل، وهو أشهر أنواع الادخار انتشاراََ، ومنه أن يدخر الشاب جزءاَ من راتبه لشراء منزل ما ليقطن فيه، أو لشراء أثاث منزلياًً، أو أن يدخر لشراء سيارة جديدة، أو للقيام برحلة ما، وغيرها من النفقات المتعددة.
- فأسباب هذا النوع من الادخار متعددة وكثيرة، والهدف الأساسي لها النوع من الادخار هو أن يقلل الفرد من فترة توظيفه، وبما أننا في صدد الحديث عن شراء بعض الاحتياجات الضرورية للمستقبل.
- فمن الجدير بالذكر أن بعض الناس في الوطن العربي بشكل عام اتفقوا فيما بينهم على إقامة ما يُعرف بالجمعيات الشهرية، وهو نوع خاص من الادخار، ففيه يتم اتفاق مجموعة من الأشخاص على مبلغ مالي معين يدفعونه كل شهر لمدة محددة للشخص الذي أنشأ الجمعية، وهو في العادة يكون على علاقة وطيدة بجميع أفراد الجمعية المشتركين. ويتم تجميع ذلك المبلغ من جميع الأفراد وإعطائه لأحد أفراد الجمعية، وهكذا على التوالي.
- الادخار بقصد الاستثمار أو الدخول في مشروع تجاري، ويكون الهدف غالبا من هذا النوع من الادخار، هو أن يتقاعد عن العمل وتوفير مصدر دخل ثابت يُدر عليه المال دون القيام بأعباء كثيرة. وقد يكون لإنشاء ملكية خاصة، أو لتجميد الأموال في صورة عقارات أو أراض، ثم بيعها بعد ذلك بعد الاستفادة من فرق ثمنها، وهذا نوع آخر من الاستثمار.
أساسيات الادخار
يعتبر الادخار من العادات الهامة والأساسية في كل منزل، وبدونه يقع الأفراد في الأزمات المادية المختلفة، أو تحت طائلة الديون، وقد يجد البعض صعوبة في توفير بعض المال من رواتبهم لكونهم مبذرين، فالادخار له أسس حتى يتم تحقيق المعادلة المرغوبة بين الاعتدال في الإنفاق وبين التوفيق في الادخار، وفيما يلي نورد بعض التعليمات التي من خلالها ينظم الفرد شؤونه الاقتصادية :
- ينبغي الفرد أن يقوم الفرد بكتابة قائمة دقيقة بكل نفقاته الشهرية من طعام وشراب وملبس وفواتير شهرية أو أقساط ومصاريف علاجية وأدوية، وغير ذلك من المصاريف الروتينية التي ينفقها كل منزل.
- يخصص الفرد جزءاَ من راتبه أو من مجموع دخله الشهري، وتختلف قيمته من منزل لآخر طبقا لاختلاف الدخل ولاحتلاف الحاجة من الادخار، ولكن متوسط قيمة الادخار حوالي 0% من قيمة مجموع الدخل الشهري.
- تفيد الميزانية التي أعدها الفرد مسبقاَ، في مواجهة بعض ظروف الحياة الطارئة، فينبغي الفرد أن يحتمي بجزء من المال يغطي فيها مصاريفه لمدة ثلاثة أشهر على الأقل في حالة حدوث أية مشاكل في الحياة بصفة عامة أو في العمل بصفة خاصة.
- على الفرد أن يستفيد من مدخراته بعد أن تصل إلى مبلغ مالي معين، باستثمارها في أحد المشاريع أو أن يطور من نفسه ببعض وسائل الترفيه كالذهاب في رحلات أو شراء سيارة جديدة، أو للانتقال للعيش في مكان أفضل.
- وذلك بوضع خطة مستقبيلة مسبقة، فالأمر يصبح أيسر وأفضل عندما يضع الإنسان هدفه نصب عينيه.
فوائد الادخار
لا شك أن للادخار فوائد عديدة، فمنها ما هو للفرد ومنها ما هو للمجتمع:
فوائد الادخار للفرد
- يحصن الادخار الفرد من الوقوع في الأزمات المالية، ويحفظ ماء وجهه عوضا عن طلبه للمساعدة أو الاقتراض من الأقارب أو الأصدقاء.
- الادخار يجعل الإنسان أكثر وعيا باهتمامته وأيتها الأكثر أهمية بالنسبة له، فحديث النفس هنا يطغى على الجانب التبذيري للفرد، حيث يأتيه هاجس أن ادخار ثلاثة شهور على سبيل المثال سيسدد بها دينا ما، فالأولوية هنا لتسديد الديون بدلا من التبذير أو شراء وساءل رفاهية، والفضل يرجع للادخار في ذلك الأمر.
- بفضل الادخار يضع الإنسان لنفسه أهدافاََ محددة وواضحة، ويسعى إلى تحقيقها، لذلك يدفع الادخار الأفراد إلى العمل.
- يصبح الفرد أكثر استعداداََ على مواجهة ظروف الحياة المختلفة، وأكثر قدرة على إقراض غيره من الناس المال وقت الضيق.
بالنسبة للمجتمع
- حديثنا هنا يخص رجال الأعمال وكبار رجال الأعمال، فهم الفئة التي حينما تُستثمر أموالهم المدخرة في الحسابات البنكية، وبث فيها روح التجارة، تقوم بخدمات عظيمة لباقي فئات المجتمع، ومنها توظيف العديد من الشباب.
- حينما يزداد مجموع المدخرات تفتح آفاق اقتصادية ذات مصلحة عامة على المجتمع مثل تعمير الصحراء، واستصلاح الأراضي، وإعادة تدوير المنتجات، وإنشاء بعض الخدمات كالمدارس والمستشفيات التي تعود بالنفع لصاحب المدخرات ولأفراد المجتمع.
- توفير المشاريع الضخمة لكبار رجال الأعمال العديد من فرص العمل لفئة كبيرة من الشباب.
- حينما تدور الأموال المدخرة في عجلة الاستثمار يؤدي ذلك إلى زيادة في الدخل القومي للدولة بشكل عام، مما يقلل من نسبة استيرادها، ويمنعها من طلب اقتراض أو معونة من |أية دولة أخرى، ويجعلها في حالة اكتفاء ذاتي، ويؤدي ذلك في وقت لاحق إلى زيادة نسبة تصديرها.
اضرار الادخار
قد يعتقد البعض بعد ذكر هذه الفوائد الكثيرة للادخار أنه يخلو من العيوب، إلا أن الادخار له عيوب، ولكنها قليلة مقارنة بفوائده العديدة، ومنها:
- الفرد نفسه هو الذي يجعله مضرا، وذلك عندما لا يدرك أولوياته وأهم احتياجاته، فيفضل اكتناز الأموال على حساب احتياجاته الأساسية كالمأكل أو المشرب أو الملبس.
- يزداد الأمر سوءاََ إذا كان رب الأسرة الذي يقوم بالادخار شحيحاَ، فيأتي على حساب متطلبات أبنائه من أجل توفير بعض المال للاحتفاظ به لنفسه، فيصاب الأولاد بالحرمان.
- قد يتفاقم الأمر، ويصل بالأولاد إلى السرقة وهذا أيضا من أضرار المجتمع، حيث تزداد نسبة الجريمة في المجتمع.