في تفسير الآية الكريمة
“وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”
يقول العلامة الشنقيطي رحمة المولى عليه، أن الله سبحانه لم يعط عباده من العلم إلا مقدار قليل بالنسبة لعلمه جل علاه، حيث ما يمتلكه الخلق من علم بالنسبة للعلم الذي يمتلكه الخالق قليل جدا جداً.
أما الإمام الألباني رحمة الله عليه فقد فسر تلك الآية قائلا أنه مهما بلغ الإنسان من علم إلا أنه في النهاية يقتضيه إحساس الضعف، ويجب عليه حينها أن يتبصر بالدين وأن يعيد نظره فيما تم إقراره من أحكام، ومهما علم الإنسان فعليه ألا يغتر بما إستطاع أن يحصله من علم، لأنه إن وقف على علم بعض المسائل فإنه يغيب عنه الكثير من العلوم الأخرى.
ومن العلم ما يؤكد على قوله “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”
كلما تقدم العلم وشهدت الإكتشافات بالكون تطوراً عظيما أدرك العلماء مدى عجزهم ومدى ضعفهم أمام هذا الكون وعظمته، وأدركوا أيضا مدى جهلهم بأسرار وعجائب هذا الكون العظيم، فمهما تطور العلم سيظل العلم الذي يمتلكه العلماء قليلاً محدوداً، وهذا ما أكد عليه قرآننا الحنيف بقوله عز وجل “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا”
والآن أهم العلماء بالغرب اليوم يقرون بمحدودية علمهم وجهلهم للكثير من أسرار هذا الكون، حيث يقول رئيس مركز الفضاء والطيران الألماني يوهان ديتريش فورنر إن هذا العالم أجمع وما وصل إليه من تقدم عظيم فإنه لم يُكتشف منه سوى 5% فقط من أسراره، ولا يزال هناك 95% من أسرار الكون مجهولة وغير معروفة، مما جعلهم يطلقون عليها إسم الطاقة المجهولة والمواد الداكنة، بل ويتوقع البعض من العلماء وجود كانات فضائية خارجية ليس بإمكان البشر أن يتعرفون عليها من خلال قوانين ووسائل الطبيعة السارية.
بينما يرفض علماء أخرين على رأسهم مايكل جريفن الرئيس لوكالة ناسا الفضائية الأفكار التي تؤمن بوجود مخلوقات كونية، مشيرين إلى أنها مجرد خيالات ولم يثبت العلم صحتها حتى الآن، ولكنها في كل الأحوال تساعد البشر على فهمهم للكون، ويدافع كلا العالمين عن التكاليف الضخمة التي تهدرها مشروعات الفضاء والرحلات المكوكية، مشيرين إلى أن تلك الأبحاث تقدم الكثير من الخدمات، فمثلا الطائرات بوقتنا الحالي تسير بمساعدة من الأجهزة الملاحية التي ترتبط بالأقمار الصناعية، وأيضا القنوات الفضائية والتلفزيونية والعديد من الأبحاث الطبية التي تختص بأمراض الدورة الدموية وأمراض المناعة جيمعهم يعتمدون على أبحاث علم الفضاء.
ويعتقد أيضا العالمان بأنه ليس هناك أي كواكب أخرى غير كوكب الأرض يمكن للبشر أن يعيشون فيه بوقتنا الحالي، ولكن الرغبة الملحة في البحث عما هو مجهول وكشف الغموض ستدفع البشر لمواصلة الأبحاث بالمستقبل، بخاصة أن معرفة البشر بهذا الكون لا تتجاوز نسبة 5%، كما أن هناك الكثير من الكواكب الأخرى التي لم تُكتشف بعد، بل وهناك عوالم أخرى كثير كعالم الملائكة والجن وما غير هذا لا تزال بالنسبة للعلماء مجهولة.
وعلى الرغم من إعتبار العلماء لفكرة المخلوقات الكونية غير صحيحة وغير موجودة بالعالم الواقعي، إلا أنه هناك رغبة ملحة بداخلهم دائما ما تدفعهم للبحث عن إيجاد مثل تلك المخلوقات، وهذا يدل على وجود الكثير من الأسئلة الكبيرة بداخل الإنسان والتي تتعلق بنشوء الكون ومن هو خالق الوجود، وما هي أسباب خلق الكون، وهل هناك كائنات أخرى حية؟.
مثل تلك الأسئلة من المستحيل أن تكون الطبيعة أودعتها بداخل الإنسان، بل من وضعها هو خالق الإنسان والكون، ولعل إعترافات العلماء بقلة ما لديهم من معلومات حول الكون برغم التطور العظيم الذي يحيط بعصرنا الحديث يكون هو خير تأكيداً على قوله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.