وفاة جابر بن حيان
توفي جابر بن حيان في عام ثمانمائة وخمسة عشر في الكوفة بالعراق، وكان يبلغ من العمر الخامسة والتسعين من عمره، وقد فر إلى الكوفة هارباً من العباسيين بعد ما حل بهم من نكسة البرامكة، ولكن تم سجنه في الكوفة حتى مات في سجنه.
متى ولد جابر بن حيان
ولد جابر بن حيان في سنة سبعمائة وواحد وعشرين ميلادياً، مائة وواحد هجرياً في مدينة الكوفة العراقية، وهذا أشهر الأقاويل، فهناك من يقول بأن ابن حيان ولد في الجزيرة على الفرات في شرق بلاد الشام، وآخرون يدعون بأنه من مدينة حران في العراق. ولكن العديد من المؤرخين والمصادر تؤكد على مولده في الكوفة عام مائة وواحد هجرياً.
نشأة جابر بن حيان
- هاجرت أسرة جابر ابن حيان بن عبد الله الأزدي من اليمن إلى الكوفة قبل مولد جابر، ووضعته أمه في الكوفة، وعمل والد جابر في الكوفة صيدلانياً، وكان والده من الذين يؤيدون وصول العباسيين للحكم، وكان يؤيدهم في ثورتهم ضد الأمويين، وتشير بعض المصادر أن العباسيين أرسلوا والد جابر إلى خراسان ليدعو الناس لتأييدهم، ولكن تم إلقاء القبض عليه وقتله من قبل الأمويين، فقررت الأسرة الهرب والرجوع إلى اليمن.
- استمر بن حيان في تعلم القرآن الكريم والعلوم الأخرى مع ممارسة مهنة والده، وبعد فترة عادت أسرته مرة أخرى إلى الكوفة، بعد أن تمكن العباسيون من الوصول إلى الحكم، وفي بغداد التحق جابر بحلقة جعفر الصادق لتلقي العلوم الشرعية واللغوية والكيميائية على يديه، ثم استطاع جابر ممارسة الطب في بداية حياته تحت توجيه من الخليفة العباسي هارون الرشيد.
- تأثر جابر بن حيان بكتابات الكيميائيين المصريين القدماء، وكتابات الإغريق أمثال زوزيموس الإخميمي وديموقريطس وهرمس، وحتى تأثر بكتابات أفلاطون وأرسطو وفيثاغورث.
- عرف عن جابر بن حيان أنه كان طويل القامة، كثيف شعر اللحية، واشتهر بتصوفه ووزعه وانعزاله عن الناس غالب اليوم ليدرس الكيمياء، وعاش في مدينة دمشق القديمة، وقد أطلق عليه الكثير من الألقاب منها شيخ الكيميائيين المسلمين، وأبو الكيمياء، وتم إطلاق اسم صنعة جابر على علم الكيمياء كاملاً لما قدم جابر بن حيان فيه من تطورات.
إنجازات جابر بن حيان
تتعدد إنجازات جابر بن حيان في مجال الكيمياء بشكل كبير ومنها ما يلي.
- اخترع جابر بن حيان العديد من الحوامض التي حضرها بنفسه مثل حمض الكبريتيك، والذي سماه “زيت الزاج”.
- ظهر دور جابر بن حيان بشكل قوي في إدخاله للمنهج التجريبي إلى الكيمياء.
- يعد اخترع جابر بن حيان القلويات المعروفة في مصطلحات الكيمياء الحديثة باسمها العربي.
- كما اخترع جابر بن حيان ماء الفضة.
- كان لابن حيان الفضل في اختراع ملح النشادر وماء الذهب والبوتاس.
- أدخل عنصري التجربة والمعمل في الكيمياء، وأوصى بدقة البحث والاعتماد على التجربة والصبر على القيام بها.
- صاحب تجابر تكرير المعادن وتحضير الفولاذ وصبغ الأقمشة ودبغ الجلود وطلاء القماش على الشكل الذي يمنع نفاذ المياه وتسربها.
- كما عمل على استعمال ثاني أكسيد المنغنيز في صنع الزجاج.
- قسم جابر بن حيان المواد حسب خصائصها إلى ثلاثة أنواع مختلفة، وهي الأغوال والمعادن والمركبات، والأغوال تلك المواد التي تتبخر عند تسخينها مثل كلوريد الألمنيوم، ويعرف المركبات بمعنى التي يمكن تحويلها إلى مساحيق.
- كان جابر بن حيان أول ما استعمل الميزان في قياس مقادير المحاليل المستعملة بتجاربه الكيميائية، وقد كانت لديه وحدات قياس خاصة به، وكان أصغرها هو الحبة التب تبلغ نحو 0.05 جم.
- اكتشف جابر حقيقة أن المواد القابلة للاحتراق تشتعل بالنيران وتطلق الكبريت إلى الجو وتترك خلفها الكلس.
- استطاع جابر اختراع نوع مضيء من الحبر يساعده في قراءة المخطوطات والرسائل في الظلام.
- اخترع نوع من الورق المضاد للاحتراق بعد طلب من جعفر الصادق له.
- اخترع جابر بن حيان نوعاً من الطلاء الذي إذا دهن به الحديد يصبح مضاداً للصدأ، وذات الطلاء إذا دهنت به الملابس تصبح مضادة للبلل بالماء.
- استطاع اكتشاف العديد من الطرق لتحضير مركبات عديدة مثل كربونات الرصاص وكبريتيد الزئبق وحمض الأزوتيك.
فكر الكيميائيين قبل جهود جابر بن حيان
كان علماء العصور ما قبل العصر الإسلامي يؤمنون بنظرية فلسفية مفادها “أن للمعادن كلها أصل واحد، فيمكن تحويل المعادن الزهيدة والرخيصة إلى معادن نفيسة كالذهب عن طريق التأثير عليها بطريقة ما من العناصر الأربعة، والتي هي الحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة، ويمكننا ذلك من الوصول إلى إكسير الحياة، الذي يمكن الإنسان والكائنات من الدوام والحياة لفترات أطول.
تأثير العلماء المسلمين على التفكير الإنساني
تأثر جابر بن حيان بنظرية العناصر الأربعة التي نقلت إلى العلماء المسلمين بعد ترجمة الكتب اليونانية والإفريقية، وحاول جابر بن حيان إثبات النظرية عن طريق التجربة، واستطاع جابر بن حيان إثبات عدم صحة تلك الخرافة، ولكن خلال بحثه المستمر عن إثبات تلك النظرية استطاع اكتشاف عدد كبير من العناصر والتفاعلات الكيماوية.
كتب جابر بن حيان
ترك لنا جابر بن حيان إرثاً زاخرا بالعلوم التطبيقية والكيميائية التي ما زلنا نسير في هديها إلى يومنا هذا، وقد تشكلت العديد من التطورات والأجهزة الحديثة على أثر نظرياته وتجاربه العلمية، ومن مؤلفات جابر بن حيان الكثيرة التي لم تصل إلينا، وقد محاها الزمن من التراث الإنساني، ولكن إن كان ما بقي عن جابر بن حيان هو الذي لدينا فقد تأكدنا من خلال تلك المخطوطات والكتب من عظمة واجتهاد جابر بن حيان، ومن كتبه ما يلي.
- حل الرموز ومفاتيح الكنوز.
- الكيمياء الجابرية.
- السموم ودفع مضارها.
- الخواص.
- كتاب السبعين.
- كتاب الخالص.
- كتاب المجردات.
- كتاب الخواص الكبير.
- كتاب الملك.
- صندوق الحكمة.
- الخمائر الصغيرة.
- المكتسب.
- الرحمة.
- علم الهيئة.
- أصول الكيمياء.
- نهاية الاتقان.
- أسرار الكيمياء.
هل خرج جابر بن حيان عن الإسلام
كان جابر بن حيان أحد أشهر علماء الإسلام الين تم اتهامهم بالزندقة والكفر، ويشير التاريخ إلى اتهامه بهذه التهمة استناداً لعلاقة والده مع الحكام، فقد كان والده يناصر ثورة العباسيين ضد الأمويين، فأرسله العباسيون إلى خراسان، فلقي حتفه هناك على يد مجموعة من الأمويين، وامتداداً لسيرة الأب خاف الحكام من استغلال علم جابر ابن حيان فيما يضر مصلحة حكام ذلك الوقت.
قيل أيضاً فيغحدى الروايات أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان أحد أكبر العلماء الذين استغلوا مؤامؤة تكفير جابر بن حيان، وأفتي بتكفير الكيميائيين بل علم الكيمياء كله كفر، بحجة أنه يحاول التغيير من المادة والمادة هي خلق الله- جل جلاله-، وفي هذا التغيير محاولة لتصوير للمادة بأخرى وإحداث تغيير فيما خلق الله- تعالى-، وعلى هذا أفتى ابن تيمية بكفر وزندقة جابر بن حيان، وبسبب تلك الاتهامات تم سجنه في سجن على أثر نكبة البرامكة في عهد هارون الرشيد.
ختاماً قد أقر الكثيرين على عدم صحة تلك الرواية السابقة باتهام ابن تيمية لجابر بن حيان بالزندقة، وحتى وإن تم ذلك فلم يكن في عهد جابر بن حيان بالأساس، ويرجع ذلك لسبب بسيط جداً، وهو أن جابر بن حيان توفي في عام مائة وست وتسعين هجرياً، وولد شيخ الإسلام ابن تيمية عام ستمائة وواحد وستين هجرياً، أي بعد وفاة جابر بن حيان بأكثر بأربعمائة سنة، وثانياً لأن جابر بن حيان مات في مسقط رأسه في الكوفة، ثالثاً أن هارون الرشيد توفي قبل وفاة جابر بن حيان بثلاث سنوات، وبعد انتهاء أزمة كربلاء بمدة زمنية ليست بالقليلة، فأحسن الأقاويل أن بن حيان توفي على سنه في الكوفة.