متى ينصرف الحاج الى مزدلفه
متى ينصرف الحاج الى مزدلفه ؟ ، فالحج هو ركن الإسلام الأعظم وأحد أركان الإسلام الخمس التي بُني عليها الإسلام، وهو فرض واجب على كل مسلم قادر مستطيع مادياً وجسدياً، وللحج مجموعة من الضوابط والأحكام القائم عليها والتي يجب على كل حاج أن يكون على علم تام بها لضمان صحة حجِه وقبوله بإذن الله تعالى.
ويشرع الحاج في الانصراف إلى مزدلفة إن غابت الشمس من مغربها في سكينة ووقار، جوز للحاج أن يخرج إلى مزدلفة في النصف الأخير من الليل والأحب أن يدفع منها قبل طلوع الشمس، فإن وصل الحجاج إلى مزدلفة أدوا صلاة المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ويكون ثلاثة ركعات للمغرب وركعتين لصلاة العشاء، ويُستحب أن ينصرف الحجاج إلى مزدلفة قبل طلوع الشمس وهذا ما فعله النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونستدّل على هذا الأمر بالحديث النبوي الشريف:
(حتَّى أتى المُزْدَلِفةَ فصَلَّى بها المَغْرِبَ والعِشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتينِ، ولم يُسَبِّحْ بينهما شيئًا، ثم اضطجَعَ حتى طلَعَ الفَجْرُ، وصلَّى الفَجْرَ حين تَبَيَّنَ له الصبحُ، بأذانٍ وإقامةٍ، ثم رَكِبَ حتى أتى المشعَرَ الحرامَ، فاستقبَلَ القبلةَ، فدعا اللهَ تعالى وكبَّرَه وهلَّلَه، فلم يَزَلْ واقفًا حتى أسفَرَ جِدًّا، فدفع قبل أن تطلُعَ الشَّمْسُ).
وقد أجمع العلماء ومن بينهم ابن عبد البر وابن قدامة على هذا الأمر، ولا بأس بأن يتم تقديم الضعاف جسدياً والنساء قبل طلوع الفجر وبعد منتصف الليل، وهذا هو مذهب الشافعية وكذلك الحنابلة وطائفة من السلف الصالح وابن عثيمين.
وجاء عن ابن عمر ـ رذي الله عنهما ـ أنهم كانوا يقدمون الضعاف من النساء وكبار السن، ليقفوا عند المشعر الحرام في مزدلفة في الليل، فيذكروا الله تعالى كما يرغبون، ثم يعودون مرة أخرى قبل أن يقف الإمام وقبل أن ينصرف، فمنهم من يقدّم إلى منىّ لأداء صلاة الفجر ومنهم من يقدم يعد ذلك، فإذن قدموا قاموا برمي الجمرة.
حُكم الإسراع في وادي مُحَسّر
جاء رأي العلماء في المذاهب الفقهية الأربعة أنه يشرع للمسلم الإسراع في وادي محسر، كما عمل بهذا الرأي جماعة من السلف الصالح، وقد ورد في الحديث الشريف عن الفضل بن العباس بن عبد المطلب أنه قال: (أنَّه قالَ في عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وغَداةِ جَمْعٍ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا علَيْكُم بالسَّكِينَةِ وهو كافٌّ ناقَتَهُ، حتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا، وهو مِن مِنًى، قالَ: علَيْكُم بحَصَى الخَذْفِ الذي يُرْمَى به الجَمْرَةُ. وَقالَ: لَمْ يَزَلْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُلَبِّي حتَّى رَمَى الجَمْرَةَ. [وفي رِوايةٍ]: لَمْ يَذْكُرْ: وَزادَ: والنَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُشِيرُ بيَدِهِ كما يَخْذِفُ الإنْسان).
حُكم المبيت في مزدلفة
يُعد المبيت في مزدلفة أحد واجبات الحج، وذلك ما جاء في مذهب جمهور العلماء من الشافعية والمالكية والحنابلة وكذلك قال به جماعة من السلف الصالح، فأصل الحكم في المبيت بمزلفة هو الوجوب حتى يقدّم دليل على منعه من الوجوب، ومن يفوته المبيت في مزدلفة يكون حجّه صحيح وعليه دمّ إلا أن ترك هذا الأمر لعذر شرعي فلا يكون هناك إثم عليه، وقد أجمع علماء المسلمين على هذا الرأي، ومن السُنة النبوية الشريفة أن من ينسى نُسكاً من نُسك الحج يكون عليه دمّ، وأما من ترك المبيت في مزدلفة بعذر شرعي فيسقط عنه الدم، وجاء في الحديث النبوي الشريف عن عاصم بن علي أنه قال:
(رَخَّصَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِرِعاءِ الإبل في البَيتوتَةِ ، أنْ يَرْمُوا يومَ النَّحْرِ ، ثُمَّ يَجمعُوا رَمْيَ يَومَيْنِ بعدَ يَومِ النَّحْرِ ، فيَرْمُونَهُ في أحَدِهِما . قال مالِكٌ ظَنَنْتُ أنَّهُ قال : في الأَوَّلِ مِنْهُما ، ثُمَّ يَرمُونَ يومَ النَّفْرِ)، وكذلك قول الله تعالى في القرآن الكريم: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}، ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت دليلاً على وجوب المبيت في مزدلفة ما روي عن عروة بن أوس بن حارثة بن لام الطائي عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: “مَن شَهِدَ صلاتَنا هذه ووقَفَ معنا حتى ندفَعَ، وقد وقَفَ بعَرَفة قبلُ ليلًا أو نهارًا؛ فقد أتمَّ حَجَّه وقضى تَفَثَه”.
وقت توجه الحجاج إلى عرفات والانصراف منها ابن باز
عندما سُئل الإمام ابن الباز ـ رحمه الله ـ عن متى يشرع للحاج التوجه إلى عرفة ومتى يكون عليه الانصراف منها، فقد جاءت إجابته على النحو الآتي:
يشرع التوجه إليها بعد طلوع الشمس من يوم عرفة وهو اليوم التاسع ويصلي بها الظهر والعصر جمعًا وقصرًا جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، ويبقى فيها إلى غروب الشمس مشتغلًا بالذكر والدعاء وقراءة القرآن والتلبية حتى تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس شرع للحجاج الانصراف إلى مزدلفة بسكينة ووقار مع الإكثار من التلبية، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين”.
حكم من ترك شيئاً من واجبات الحج
تتمثل واجبات الحج في سبعة أمور هي: الإحرام من الميقات المُعتبر له ـ المبيت في منى خلال أيام التشريق ـ المبيت بمزدلفة ليلة النحر للضعفاء ـ رمي جميع الجمرات ـ التقصير أو حلق الشعر ـ طواف الوداع لغير أهل مكة عند الخروج منها (من غير الحائض والنفساء من المرأة).
وذلك مثلما ورد في قول الله تعالى: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)، كما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال (لَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالبَيْتِ، إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ المَرْأَةِ الحَائِضِ).
ويكون حُكم من ترك أحد واجبات الحج متعمداً عالماً بحكم الترك أنه آثم، إلا أنه حجه صحيح ولكنه يكون ناقصاً، ولا يكون عليه دم، ولكن يكون عليه التوبة واستغفار الله تعالى، ومن ترك أياً من واجبات الحج جاهلاً بها أو ناسياً فلا يكون هناك إثم عليه، ولا يكون هناك دم عليه، إلا أنه ترك الأفضل والأكمل من الثواب.
وذلك ما جاء في قول الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).